کد مطلب:352946 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:270

شهادة التاریخ فی الصحابة
ولنا بعد القرآن والسنة شهادة أخری قد تكون أوضح وأصرح لأنها ملموسة ومحسوسة

عاشها الناس وشاهدوها وتفاعلوا معها فأصبحت تاریخا یدون وأحداثا تحفظ وتكتب. وإذا قرأنا كتب التاریخ عند أهل السنة والجماعة كالطبری وابن الأثیر وابن سعد وأبی الفداء وابن قتیبة وغیرهم لرأینا العجب العجاب ولأدركنا أن ما یقوله أهل السنة والجماعة فی عدالة الصحابة وعدم الطعن فی أی واحد منهم، كلام لا یقوم علی دلیل ولا یقبله العقل السلیم ولا یوافق علیه إلا المتعصبون الذین حجبت الظلمات عنهم النور، ولم یعودوا یفرقون بین محمد النبی صلی الله علیه وآله وسلم المعصوم الذی لا ینطق عن الهوی ولا یفعل إلا الحق. وبین صحابته الذین شهد القرآن بنفاقهم وفسقهم وقلة تقواهم، فتراهم یدافعون عن الصحابة أكثر مما یدافعون عن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم. وأضرب لذلك مثلا. - عندما تقول لأحدهم بأن سورة عبس وتولی لم یكن المقصود بها رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم، وإنما المقصود بها أحد كبار الصحابة الذی عاتبه الله علی تكبره واشمئزازه عند رؤیته الأعمی الفقیر - فتراه لا یقبل بهذا التفسیر ویقول: ما محمد إلا بشر وقد غلط مرات عدیدة وعاتبه ربه فی أكثر من موقع. وما هو بمعصوم إلا فی تبلیغ القرآن، هذا رأیه فی رسول الله! ولكنك عندما تقول بأن عمر بن الخطاب أخطأ فی ابتداعه لصلاة التراویح التی نهی رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم عنها وأمر الناس بالصلاة فی بیوتهم



[ صفحه 158]



فرادی إذا كانت الصلاة نافلة (أی غیر المكتوبة). تراه یدافع عن عمر بن الخطاب دفاعا لا یقبل النقاش ویقول: إنها بدعة حسنة، ویحاول بكل جهوده أن یلتمس له عذرا رغم وجود النص من النبی صلی الله علیه وآله وسلم علی النهی، وإذا قلت له إن عمر عطل سهم المؤلفة قلوبهم الذی حكم به الله تعالی فی كتابه العزیز فتراه یقول: إن سیدنا عمر عرف أن الإسلام قد قوی فقال لهم: لا حاجة لنا فیكم وهو أعلم بمفاهیم القرآن من كل الناس! ألا تعجب من هذا؟ ووصل الحد بأحدهم عندما قلت له: دعنا من البدعة الحسنة ومن المؤلفة قلوبهم، ما هو دفاعك عنه إذ أخذ یهدد بحرق بیت فاطمة الزهراء بمن فیه إلا أن یخرجوا للبیعة؟ فأجابنی بكل صراحة: معه الحق، ولولا أنه لم یفعل ذلك لتخلف كثیر من الصحابة عند علی بن أبی طالب ولوقعت الفتنة. فكلامنا مع هذا النمط من الناس لا یجدی ولا ینفع، ومع الأسف الشدید فإن الأغلبیة من أهل السنة والجماعة یفكرون بهذه العقلیة لأنهم لا یعرفون الحق إلا من خلال عمر بن الخطاب وأفعاله، فهم عكسوا القاعدة وعرفوا الحق بالرجال، والمفروض أن یعرفوا الرجال بالحق (أعرف الحق تعرف أهله كما قال الإمام علی). ثم سرت هذه العقیدة فیهم وتعدت عمر بن الخطاب إلی كل الصحابة، فهم كلهم عدول ولا یمكن لأحد خدشهم أو الطعن فیهم وبذلك ضربوا حاجزا كثیفا وسدا منیعا علی كل باحث یرید معرفة الحق فتراه لا یتلخص من موجة حتی تعترضه أمواج ولا یتخلص من خطر حتی تعترض سبیله أخطار، ولا یكاد المسكین یصل إلی شاطئ السلامة إلا إذا كان من أولی العزم والصبر والشجاعة. وإذا رجعنا إلی موضوع التأریخ فإن بعض الصحابة قد كشفت



[ صفحه 159]



عوراتهم وسقطت أقنعتهم وظهروا علی حقیقتهم التی حاولوا جهدهم إخفاءها علی الناس، أو حاول ذلك أنصارهم وأتباعهم. أو قل حكم السوء والمتزلفین إلیهم. وأول ما یلفت النظر هو موقف هؤلاء تجاه رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم غداة وفاته روحی له الفداء، وكیف تركوه جثة ولم یشتغلوا بتجهیزه وتغسیله وتكفینه ودفنه، بل أسرعوا إلی مؤتمرهم فی سقیفة بنی ساعدة یختصمون ویتنافسون علی الخلافة، والتی عرفوا صاحبها الشرعی وبایعوه فی حیاة النبی صلی الله علیه وآله وسلم. مما یؤكد لنا بأنهم اغتنموا فرصة غیاب علی وبنی هاشم الذین أبت أخلاقهم أن یتركوا رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم مسجی ویتسابقوا للسقیفة فأراد هؤلاء أن یبرموا الأمر بسرعة قبل فراغ أولئك من مهمتهم الشریفة ویلزموهم بالأمر الواقع فلا یقدرون بعده علی الكلام والاحتجاج لأن أصحاب السقیفة تعاقدوا علی قتل كل من یحاول فسخ الأمر الذی أبرموه بدعوی مقاومة المخالفین وإخماد الفتنة. ویذكر المؤرخون أشیاء عجیبة وغریبة وقعت فی تلك الأیام من أولئك الصحابة الذین أصبحوا فیما بعد، هم خلفاء الرسول صلی الله علیه وآله وسلم وأمراء المؤمنین - كحملهم الناس علی البیعة بالضرب والتهدید بالقوة وكالهجوم علی بیت فاطمة وكشفه، وكعصر بطنها بالباب الذی كانت وراءه حتی أسقطت جنینها. وإخراج علی مكتفا وتهدیده بالقتل إن رفض البیعة، وغصب الزهراء حقوقها من النحلة والإرث وسهم ذی القربی حتی ماتت غاضبة علیهم وهی تدعی علیهم فی كل صلاة، ودفنت فی اللیل سرا ولم یحضروا جنازتها وكقتلهم للصحابة الذین أبوا أن یدفعوا الزكاة لأبی بكر تریثا منهم حتی یعرفوا سبب تأخر علی عن الخلافة، لأنهم یعوه فی حیاة النبی فی غدیر خم [1] .



[ صفحه 160]



وكهتكهم للمحارم وتعدی حدود الله فی قتل الأبریاء من المسلمین والدخول بنسائهم من غیر احترام للعدة [2] .

وكتغییرهم أحكام الله ورسوله صلی الله علیه وآله وسلم المبینة فی الكتاب والسنة وإبدالها بأحكام اجتهادیة تخدم مصالحهم الشخصیة [3] .

وكشرب بعضهم الخمر والمداومة علی الزنا وهم ولاة: المسلمین والحاكمون فیهم [4] .

وكنفی أبی ذر الغفاری وطرده من مدینة رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم حتی مات وحیدا بدون ذنب اقترفه - وضرب عمار بن یاسر حتی وقع له فتق وضرب عبد الله بن مسعود حتی كسرت أضلاعه وعزل الصحابة المخلصین من المناصب وتولیة الفاسقین والمنافقین من بنی أمیة أعداء الإسلام. وكسب ولعن أهل البیت الذین أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهیرا وقتل من تشیع لهم من الصحابة الأبرار [5] .

وكاستیلائهم علی الخلافة بالقهر والقوة والقتل والإرهاب وتصفیة من عارضهم بشتی الوسائل كالاغتیال ودس السم وغیر ذلك [6] وكإباحتهم مدینة الرسول لجیش یزید

یفعل فیها ما یشاء رغم قول الرسول: إن حرمی المدینة فمن أحدث فیها حدثا فعلیه لعنة الله والملائكة والناس أجمعین.



[ صفحه 161]



وكرمیهم بیت الله بالمنجنیق وحرقهم الحرم الشریف وقتلهم بعض الصحابة بداخله. وكحربهم لأمیر المؤمنین وسید الوصیین سید العترة الطاهرة الذی كان من رسول الله بمنزلة هارون من موسی فی حرب الجمل وحرب صفین وحرب النهروان من أجل أطماع خسیسة ودنیا فانیة. وكقتلهم سیدی شباب أهل الجنة الإمام الحسن بالسم والإمام الحسین بالذبح والتمثیل، وقتل عترة الرسول صلی الله علیه وآله وسلم بأجمعهم فلم ینج منهم إلا علی بن الحسین وكأفعال أخری یندی لها جبین الإنسانیة وأنزه قلمی عن كتابتها وأهل السنة والجماعة یعرفون الكثیر منها ولذلك یحاولون جهدهم صد المسلمین عن قراءة التاریخ والبحث فی حیاة الصحابة. وما ذكرته الآن من كتب التاریخ من جرائم وموبقات هی من أعمال الصحابة بلا شك، فلا یمكن لعاقل بعد قراءة هذا، أن یبقی مصرا علی تنزیه الصحابة والحكم بعدالتهم وعدم الطعن فیهم إلا إذا فقد عقله. مع الملاحظة الأكیدة بأننا واعون جدا إلی عدالة البعض منهم ونزاهتهم وتقواهم وحبهم لله ورسوله صلی الله علیه وآله وسلم وثباتهم علی عهد النبی صلی الله علیه وآله وسلم، حتی قضوا نحبهم وما بدلوا تبدیلا فرضی الله عنهم وأسكنهم بجوار حبیبهم ونبیهم محمد صلی الله علیه وآله وسلم. وهؤلاء هم أكبر وأعظم وأسمی من أن یخدش فی سمعتهم خادش، أو یتقول علیهم متقول وقد مدحهم رب العزة والجلالة فی عدة مواضع من كتابه العزیز كما نوه بصحبتهم وإخلاصهم نبی الرحمة أكثر من مرة كما لم یسجل لهم التاریخ إلا المواقف المشرفة الملیئة بالمروءة والنبل والشجاعة والتقوی والخشونة فی ذات الله، فهنیئا لهم وحسن مآب جنات عدن مفتحة لهم الأبواب ورضاء من الله أكبر ذلك جزاء الشاكرین. والشاكرون كما ذكر كتاب الله هم أقلیة قلیلة، فلا تنس!



[ صفحه 162]



أما الذین استسلموا ولما دخل الإیمان فی قلوبهم وصاحبوا رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم رغبة ورهبة أو لحاجة فی نفس یعقوب ووبخهم القرآن وهددهم توعدهم، وحذرهم رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم وحذر منهم ولعنهم فی عدة مواطن، وسجل لهم التاریخ أعمال ومواقف شنیعة أما هؤلاء فلیسوا جدیرین بأی احترام ولا تقدیر فضلا عن نترضی علیهم وننزلهم منزلة النبیین والشهداء والصالحین. وهذا لعمری هو الموقف الحق الذی یزن الموازین بالقسط ولا یتعدی حدود ما رسمه الله لعباده من موالاة المؤمنین ومعادة الفاسقین والبراءة منهم قال تعالی فی كتابه العزیز: ألم تر إلی الذین تولوا قوما غضب الله علیهم ما هم منكم ولا منهم ویحلفون علی الكذب وهم یعلمون - أعد الله لهم عذابا شدیدا إنهم ساء ما كانوا یعملون - اتخذوا أیمانهم جنة فصدوا عن سبیل الله فلهم عذاب مهین - لن تغنی عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شیئا أولئك أصحاب النار هم فیها خالدون - یوم یبعثهم الله جمیعا فیحلفون له كما یحلفون لكم ویحسبون أنهم علی شئ ألا إنهم هم الكاذبون - استحوذ علیهم الشیطان فأنساهم ذكر الله أولئك حزب الشیطان ألا إن حزب الشیطان هم الخاسرون - إن الذین یحادون الله ورسوله أولئك فی الأذلین - كتب الله لأغلبن أنا وسلی إن الله قوی عزیز - لا تجد قوما یؤمنون بالله والیوم الآخر یوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشیرتهم، أولئك كتب فی قلوبهم الإیمان، وأیدهم بروح منه ویدخلهم جنات تجری من تحتها الأنهار خالدین فیها رضی الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون [المجادلة: 14 - 22]. صدق الله العلی العظیم ولا یفوتنی فی هذا الصدد أن أسجل بأن الشیعة هم علی حق لأنهم لا یلقون بالمودة إلا لمحمد وأهل بیته وللصحابة الذین ساروا علی نهجهم



[ صفحه 163]



وللمؤمنین الذین اتبعوهم بإحسان إلی یوم الدین وغیر الشیعة من المسلمین یلقون بالمودة لكل الصحابة أجمعین غیر مبالین بمن حاد الله ورسوله، وعادة هم یستدلون بقوله تعالی: ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذین سبقونا بالإیمان ولا تجعل فی قلوبنا غلا للذین آمنوا ربنا إنك رؤوف رحیم [الحشر: 10]. فتراهم یترضون عن علی ومعاویة غیر مبالین بما ارتكبه هذا الأخیر من أعمال أقل ما یقال فیها أنها كفر وضلال ومحاربة لله ورسوله وقد ذكرت فیما سبق تلك الطریقة التی لا بأس بتكرارها وهی أن أحد الصالحین زار قبر الصحابی الجلیل حجر بن عدی الكندی فوجد عنده رجلا یبكی ویكثر البكاء فظنه من الشیعة فسأله: لماذا تبكی؟ أجاب: أبكی علی سیدنا حجر رضی الله تعالی عنه! قال: ماذا أصابه؟ أجاب: قتله سیدنا معاویة رضی الله تعالی عنه. قال: ولماذا قتله؟ أجاب: لأنه أمتنع عن لعن سیدنا علی رضی الله تعالی عنه. فقال له ذلك الصالح: وأنا أبكی علیك أنت رضی الله تعالی عنك. فلماذا هذا الإصرار والعناد علی مودة كل الصحابة أجمعین حتی نراهم لا یصلون علی محمد وآله إلا ویضیفون وعلی أصحابه أجمعین فلا القرآن أمرهم بذلك ولا رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم طلب منهم ذلك ولا أحد من الصحابة قال بذلك، وإنما كانت الصلاة علی محمد وآله محمد كما نزل بها القرآن وكما علمها لهم رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم. وإن شككت فی شئ فلا ولن أشك فی أن الله طلب من المؤمنین مودة ذی القربی وهم أهل البیت وجعلهم فرضا علیهم كأجر علی الرسالة المحمدیة فقال تعالی:



[ صفحه 164]



قل لا أسألكم علیه أجرا إلا المودة فی القربی [الشوری: 23]. وقد اتفق المسلمون بلا خلاف علی مودة أهل البیت علیهم الصلاة والسلام واختلفوا فی غیرهم، وقد قال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم: دع ما یریبك إلی ما لا یریبك. وقول الشیعة فی مودة أهل البیت ومن تبعهم لا ریب فیه وقول أهل السنة والجماعة فی مودة الصحابة أجمعین فیه ریب كبیر وإلا كیف یلقی المسلم بالمودة إلی أعداء أهل البیت علیهم السلام وقاتلیهم ویترضی عنهم؟ ألیس هذا هو التناقض المقیت؟ ودع عنك قول أهل الشطحات وبعض المتصوفة الذین یزعمون أن الإنسان لا یصفی قلبه ولا یعرف الإیمان الحقیقی إلا عندما لا یبقی فی قلبه مثقال ذرة من بغض لعباد الله أجمعین من یهود ونصاری وملحدین ومشركین، ولهم فی ذلك أقوال عجیبة وغریبة یلتقوا فیها مع المبشرین من رجال الكنیسة والمسیحیین الذین یموهوا علی الناس بأن الله محبة والدین محبة فمن أحب مخلوقاته فلیس له حاجة بالصلاة والصوم والحج وغیر ذلك. إنها لعمری خزعبلات لا یقرها القرآن والسنة ولا العقل فالقرآن الكریم یقول: لا تجد قوما یؤمنون بالله والیوم الآخر یوادون من حاد الله ورسوله ویقول: یا أیها الذین آمنوا لا تتخذوا الیهود والنصاری أولیاء بعضهم أولیاء بعض ومن یتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا یهدی القوم الظالمین [المائدة: 51]. وقال تعالی: یا أیها الذین آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولیاء إن استحبوا الكفر علی الإیمان، ومن یتولهم منكم فأولئك هم الظالمون [التوبة: 23]. وقال أیضا: یا أیها الذین آمنوا لا تتخذوا عدوی وعدوكم أولیاء تلقون إلیهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق [الممتحنة: 1].



[ صفحه 165]



وقال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم: لا یتم إیمان المؤمن حتی یكون حبه فی الله وبغضه فی الله. وقال أیضا: لا تجتمع فی قلب مؤمن حب الله وحب عدوه. والأحادیث فی هذا المجال كثیرة جدا. ویكفی العقل وحده دلیلا بأن الله سبحانه حبب للمؤمنین الإیمان وزینه فی قلوبهم وكره إلیهم الكفر والفسوق والعصیان فقد یكره الإنسان ابنه أو أباه أو أخاه لمعاندة الحق والتمادی فی طریق الشیطان، وقد یحب ویوالی أجنبی لا تربطه به إلا أخوة الإسلام. ولكل هذا یجب أن یكون حبنا وودنا وموالاتنا لمن أمر الله بمودتهم كما یجب أن یكون بغضنا وكرهنا وبراءتنا لمن أم الله سبحانه بالبراءة منهم. ومن أجل ذلك كانت موالاتنا لعلی والأئمة من بنیه من غیر أن تكون لنا علاقة مسبقة بمودتهم وذلك لأن القرآن والسنة والتاریخ والعقل لم یتركوا لنا فیهم أی ریب. ومن أجل ذلك كانت أیضا براءتنا من الصحابة الذین اغتصبوا حقه فی الخلافة من غیر أن تكون لنا علاقة مسبقة ببغضهم وذلك لأن القرآن والسنة والتاریخ والعقل تركوا لنا فیهم ریبا كبیرا. وبما أن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم أمرنا بقوله: دع ما یریبك إلی ما لا یریبك فلا ینبغی لمسلم أن یتبع أی أمر مریب ویترك الكتاب الذی لا ریب فیه. كما یجب علی كل مسلم أن یتحرر من قیوده وتقالیده ویحكم عقله بدون أفكار مسبقة ولا أحقاد دفینة لأن النفس والشیطان عدوان خطیران



[ صفحه 166]



یزینان للإنسان سوء عمله فیراه حسنا، ولنعم ما قاله الإمام البوصیری فی البردة:

وخالف النفس والشیطان واعصهما

وإن هما محضاك النصح فاتهم

وعلی المسلمین أن یتقوا الله فی عباده الصالحین منهم. أما الذین لم یكونوا من المتقین فلا حرمة لهم، وقد قال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم لا نمیمة فی فاسق لیكشف المسلمون أمره فلا یغترون به ولا یوالونه. وعلی المسلمین أن یكونوا الیوم صادقین مع أنفسهم وینظروا إلی واقعهم المؤلم الحزین المخزی ویكفیهم من التغنی والتفاخر بأمجاد أسلافهم وكبرائهم فلو كان أسلافنا علی حق كما نصورهم الیوم لما وصلنا نحن إلی هذه النتیجة التی هی حتما حصیلة الانقلاب الذی وقع فی الأمة بعد وفاة نبیها روحی وأرواح العالمین له الفداء. یا أیها الذین آمنوا كونوا قوامین بالقسط شهداء لله ولو علی أنفسكم أو الوالدین والأقربین إن یكن غنیا أو فقیرا فالله أولی بهما، فلا تتبعوا الهوی أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبیرا [النساء: 135].


[1] قضية مالك بن نويرة وقتله مشهورة في كتب التاريخ.

[2] قضية خالد بن الوليد ودخوله بليلي بنت المنهال بعد قتل زوجها.

[3] كتعطيل إرث الزهراء. وسهم ذي القربي - وسهم المؤلفة قلوبهم - ومتعة الزواج ومتعة الحج وغيرها كثير.

[4] كقضية المغيرة بن شعبة وزناه بأم جميل والقصة مشهورة في كتب التاريخ.

[5] كما قتل معاوية بن أبي سفيان حجر بن عدي الصحابي الجليل وأصحابه لأنه امتنع عن لعن علي بن أبي طالب.

[6] يقول المؤرخون كان معاوية يستدعي معارضيه ويسقيهم عسلا مسموما فيخرجون من عنده ويموتون فيقول: إن لله جندا من عسل.